بحوث ودراساتكتب

قراءة في كتاب : رحلة  إلى  ودّاي ودارفور، لمؤلفه د.جوستاف ناختيقال

بقلم : محمد علي أحمد عبدالكريم (مهلة)

قراءة في كتاب : رحلة  إلى  ودّاي ودارفور

لمؤلفه د.جوستاف ناختيقال؛ تعريب الأستاذ سيد علي محمد ديدان

بقلم : محمد علي أحمد عبدالكريم (مهلة)

على الرغم من مرور أكثر من ١٥٠ عام على رحلة الرحالة ناختيقال لبعض ممالك بلاد السودان القديمة ( برنو، باقرمي، تمبكتو، ودّاي ودارفور) والتحولات الكبيرة التي حدثت بتلك المناطق والمجتمعات مع حقبة الإستعمار، ومن ثم الدول الوطنية بعد الاستعمار، إلا أن كتابات و قراءات ناختيقال تظل في غاية الأهمية؛ لأنها تساعد في معرفة جوانب كثيرة من حياة تلك المجتمعات في تلك اللحظة، وهذه قراءة إطلاع وتلخيص لأوصاف وأحداث مهمة من الكتاب.

ولد ناختيقال مؤلف كتاب الصحراء وبلاد السودان في سكسونيا ٢٣ فبراير ١٨٣٤م وعمل طبيب بالجيش البروسي، تقاعد في العام ١٨٦٢م بسبب المرض وبعدها أقام في تونس وعمل طبيب وتعلم فيها اللغة العربية، ومن ثم كُلف القيام ببعثة إلى كَيكُوة عاصمة برنو شمال نيجيريا الحالية على بحيرة تشاد، قام ناختيقال بتأليف مجلداته باللغة الألمانية تناول فيها رحلته من طرابلس وعَبَر (فزّان) جنوب غرب ليبيا إلى إقليم (تبستي) الواقع حالياً في ليبيا وتشاد والنيجر، ومن ثم إلى برنو، حيث قدّم هدايا الملك البروسي إلى السلطان ومنها إلى سلطنة باقرمي بتشاد، ثم إلى تمبكتو بدولة مالي الحالية. ويسرد الجزء الأخير عن رحلته من ودّاي في شرق تشاد إلى دارفور و الأُبيض و الخرطوم. تُرجمت أعمال ناختيقال من الألمانية إلى اللغة الإنجليزية بواسطة ( ألن. ب.فيشر و همفري.ح.فيشر ) وقام بتعريب رحلة إلي ودّاي و دارفور الأستاذ سيد علي محمد ديدان.

أولا : الرحلة إلى ودّاي

( ١ ) من كَيكُوة بدار بَرنُو إلي أبَّشي بدار ودّاي

ينطلق ناختيقال من كيكوة من بلاد برنُو في رحلة الي مملكة ودّاي من(١ مارس الى ١٦ ابريل ١٨٧٣م) وعلى هامش صفحات الكتاب يوضح الكاتب ديدان إن كيكوة ظلت عاصمة برنُو إلا أن غزاها السلطان رابح فضل الله السوداني ٩ مايو ١٨٩٣م، ولانعدام الماء بناءا على نصائح مستشاريه نقل العاصمة إلى دَيكّوة . لقد قدم ناختيقال وصفا تفصيليا للمناطق وتضاريسها وطبيعة سُكانها وأشكال ووسائل التبادل التجاري للبضائع، لتبدأ رحلته من برنو ويمر بمناطق ودار الكَتكو وقبلية المكاري في (قولو) وقري (موقلام) وأولاد صالح التي تسكنها مجموعات عرب الشُوا ( الشُوا تعني العرب بلغة البرنو ) وعرب أولاد بوخدر وعرب دقينة، ويقدم أوصاف دقيقة للأودية ومناطق تجمع المياه التي تسمي ب (الرِجِل)، والأنهُر الكبيرة (لوقون – شاري – بحر الغزال) وهي جميعها تتجمع لتصب في بحيرة تشاد، وقدم وصف لطبيعة التُربة وتنوعها من طينية، رملية وجبلية بكل المناطق على طريق الرحلة و نوعية الأشجار كالطلح والكَرنُو والهشاب والسَرح، وأنواع الطيور كالبط وأبو سِعن وأبو منجل والغرنوق والمحاصيل الزراعية كالدخن والذرة الشامية وثمار شجرة السدِر ذات الحجم الكبير والتي تسمي بالكَرنو، والسمك المجفف. وأن المنطقة تتميز بانتشار الجواميس والزراف والغزلان ، وأن القوات العسكرية التي تقوم بجمع الضرائب بمملكة برنو تسمي (الكاشلا) . مرت الرحلة بمناطق الكِريدة وهم من قبائل القُرعان والمناطق الجبلية لمجموعات الكُوكَا و الكَبقا، و بإقليم فُتَرِي الذي يضم أكثر من مئة قرية جنوب وشمال البحيرة، توجد منطقة (المَلمّ) لقبيلة البِلالة الذي يقال أن أصلهم من الكانوري في كانم ولكن ملكهم الملك جُراب يقول أنهم بلالة ينحدرون من أصول عربية و ينتمون لأولاد حِميد المنتشرون في مملكة ودّاي وبحر الغزال وبرنو. يوجد بفُترِي أيضا الجلابة الذين يمارسون التجارة بين ممالك ودّاي وبرنو و كانم وباقِرمَا، والحُجاج من قبيلتي الهوسا والفلاتة كما تقيم بالمنطقة مجموعات الكُوكَا وأبوسِمين. وعبر منطقة البَطحة و سهل يمتد من فُترِي إلى أراضي ودّاي ترتاده على فترات متقطعة بعض القبائل العربية من الجعادين وأولاد حِميد والزَبَدة والنوالينا والسلامات، ثم مناطق قبائل الكُوكَا التي تمتد مع قري (الزُيود) إحدي القبائل العربية التي مالت للاستقرار ومعها بعض من (الخُشتة) المنحدرين من ملوك ودّاي لكنهم الآن الجيل الرابع نزلوا إلى مرتبة المواطنين العاديين، وتمر الرحلة بسلسلة جبال كُوندُقو حتي (وَارَا) العاصمة السابقة لسلطنة ودّاي وتليها منطقة مجموعات كدّوي وابو سنون قرب منطقة جبل أبو شراريب.

( ٢ ) الوصول إلي أَبَشِي في حضرة السلطان (علي) في أبريل – ٢٠ مايو ١٨٧٣م.

في الطريق إلى قصر السلطان يحكي ناختيقال عن مخاوفه، باعتباره غريبا ومسيحيا، وبعد وصوله أبشي يصف قصر السلطان الذي يعد صرحا شامخا وفق المعايير المحلية، فهذا البناء شيده دنقلاوي من النيل. وفي القصر يُعرف خدم السلطان بالطويرات. كما قدم وصف دقيق للقصر ومجالسه و للتقاليد التي يتم إتباعها لإستقبال الغُرباء و الضيوف، وقد سأله السلطان عن فترة إقامته عند خصمه سلطان باقِرمِي ومناطق الوثنيين في (سمراي) حيث ترابط قواته هُناك، لقد تفهم السلطان زيارة ناختيقال لودّاي كرحالة وأذِن له بزيارة كل أقاليم السلطنة. ذكر ناختيقال أن السُلطان (علي) سلطان قوي تبنّي سياسة تأمين الحدود وحماية الأجانب، بنية تقّوية علاقات مملكته مع البلاد الأخرى وتشجيع التجارة، ويأمل في فتح طريق البحر الأبيض الذي يربط بنغازي بودّاي والذي ظل مقفول لأكثر من خمسين عاما منذ عهد السلطان عبدالكريم صابون، وحكي ناختيقال مواقف كثيرة تُبيّن طبيعة العقاب لجرائم السرقات والتهجم على الممتلكات في أسواق المدينة، وأن عادة نساء ودّاي اللائي لا يتخطين الرجال إلا وهن جاثيات على ركبهن ومن مسافة معقولة وأن سلاطين ودّاي من عاداتهم سمل عيون إخوتهم وأقاربهم الذين يتطلعون للعرش، ووالدة السلطان تعرف ب (الممو) وتتمتع بسلطات واسعة، ويوجد بالمدينة مجموعة من التجار الأجانب مثل التونسي والقيرواني وغيرهم وكان رئيس التجار هو الدنقلاوي الحاج أحمد تنقا، وأن الأهالي غير متسامحين مع التجار الأجانب يحسّون بأنهم جَشِعون ودُخلاء ينعمون بخيرات البلاد . غادر نختقال مع (الكُرسي) وهو موظف عند السلطان إلى منطقة (وَارَا) العاصمة القديمة للسلطنة، مرورا بمناطق جبال قبائل (كَلِنقَن) و (كُوندُونقو) مرورا بمدينة (نِمرو) بمبانيها الطينية الفسيحة والتي أُلحِقت بها قرى صغيرة سكانها من دنقلا والخرطوم وسنار وكردفان يقوم على حُكمِهم (الشيوخ)، ويتراوح عدد قاطني الحي بين أربعة إلى خمسة ألف ويقف (الكُرسي) علي قمة الهرم الإداري وهو موظف يتقاضى الضرائب من التجار الجلابة. أشرف ناختيقال على معالجة مرضي لأمراض تلف مُقلة العين، قروح الجدري، وفتاق السرة. كما ذكر أن سلطان ودّاي عمل على توطين الآلاف من البَاقِرمَة في المدينة؛ فهم أكثر مهارة في البناء وصناعة السروج والصناعات الجلدية ونسج الأقمشة القطنية والحياكة والتفوق في شئون الزراعة.

( ٣ ) الرحلة إلى رنُقا:

الذهاب إلي رُنقا عبر دار سلا مناطق الداجو، تقع سلا جنوب شرق ودّاي وكانت تدفع الضرائب للسلطنتين ودّاي ودارفور. لقد حكم الداجو سِلا منذ أن قدموا إليها من إتجاه دارفور منذ قرون فكل عاداتهم وتقاليدهم تربطهم بدارفور. لقد مرّ ناختيقال بجبال الكَشامرة وجبال الكَنجقا، وجبال (كدُوما) وهي المنطقة الوسطى في ودّاي ويحكمها التُنجر وكانت مقر السلطان داؤد المِرين آخر سلاطين التُنجر الذي انتهى حكمه على يد عبد الكريم بن جامع مؤسس سلطنة ودّاي، ثم مناطق خلا أم جرار البطحة ومناطق(أم دم) و (أم دقيمات) و (فج الخلا) وقرية (بُرام) لقبيلة الخُزام ومناطق قبيلة الكَجاكسَا مثل قرية (بريسيس) و (أولو) و (تافي). تحدث ناختيقال عن الزيجات التي تتم بين عوائل السلاطين والعُقداء حكام المناطق، وعن عمليات صيد الفيل ووحيد القرن في حوض نهر السلامات ودار رنُقا وكوتي وذكر أن بعض العرب الرُحل الذين استقروا بالمنطقة بعد نفوق مواشيهم بسبب الطاعون. وأن سلطان ودّاي استدعي عقيد السلامات المُشرف علي الجنوب لأنه سيبعث بملك جديد لدار رُنقا، وأن السلامات يعيشون علي ضفاف الأنهار ويقومون بغارات موسمية للجنوب بغرض الحصول على الرقيق ويقدمون جزء منه للسلطان في (أَبَشي) يقدر بمائة من الرقيق وخمسمائة كحد أدنى من الماشية سنويا. لم يستطع ناختيقال الوصول إلي رُنقا نتيجة للتعب والإرهاق وظروف الخريف في منطقة تتميز بالمستنقعات والأودية والغابات، وعاد إلي أبَشِّي. وحكي عن المصابين بحُمي الملاريا وآلام المفاصل وفقر الدم عند الأهالي، قال ناختيقال أن تجار النيل الجلابة عاملوه بنبل أكثر من أي تجار آخرون . سأل ناختيقال وعرف قصة قتل ابن بلاده الرحالة (إدوارد فوقيل) في أبشي في عهد السلطان السابق.

(٤) الدولة والشعب في ودّاي:

استرسل ناختيقال في توصيف المملكة وحدودها إلي أن يقول أنها بشكل عام ترتفع من الغرب للشرق، أغلب أراضي الشمال صحراوية، والجنوب تسُوده التربة الطينية الخصبة ويشكل نهرا البطحة والبطيحة المنحدرين من الجبال شريان الحياة، ونهر السلامات بجنوب ودّاي . أن السلطنة تمتد جنوبا لدار رُنقا التي جزء من سكانها (المنقاري) و(الكِبيت)، وأن (المَبا) هم نواة سكان ودّاي ثم تأتي القبائل الإفريقية المهاجرة للمنطقة والقبائل العربية من مجموعتي الأبالة والبقارة . تقع مناطق المَبا شمال – وَارَا – العاصمة القديمة ثم (الكَدوي) وديارهم جبال كدوك، وذكر ناختيقال أن فرع (النيمنا) أي الحدّادين يعيشون في شتات بين مجموعات الودّاي وهم محتقرون في المجتمع .ثم تأتي مناطق أولاد جمعة، ثم (المراريت) الذين تفصل مناطقهم بين المبا والتاما وشمال مناطق المراريت تقع ديار (المِيمَا) ويقول أن المِيما ينتشرون هناك بعيدا في تُمبكتو، ثم تأتي مجموعات (المَلنقا)و(المَادَبا) و(المَادَلا). وأن مناطق (الأَسَنقور) جنوب تاما وغرب المراريت و المساليت. أما في الغرب فالكَشامَرة والكَجاكسَة والمَرفا والبِرقِد والمُوبِي زُرقة. كما أن مساليت البطحة يسكنون شمال المَسَامجَة وشرق الكُوكَا وجنوب الجنوب الغربي لدار الزُيود، ويسكن البِلالة وأبوسِمين إقليم فُتري . وأن القبائل العربية في ودّاي تسمي (الأَرَمقُو) بلغة المَابا وهي : (السلامات) يسكنون بحر الطين أي بحر السلامات وبحيرة إيرو و(المسيرية) بمناطق جبل خريس وينقسمون إلي حمر وزرق، و(أولاد راشد) هم الأكثر عددا قبل عزلهم عن الزبدة والحميدة والحيماد، و(الجعادين) يتمركزون في مناطق فُتري وعُلا وخرُوب و(الخُزام) يقطنون مع الجعادين، و (الشَّرفة) ويسمون بني حسين و (الحيماد) و (الترجم) و (المهادي) و (الزنانيت) و(المجانين)، أما العرب الأبالة : فهم (المحاميد) قبيلة كبيرة ويقال أن أصلها يرجع للأخوة محمود ومهر ونايب وراكال الذي يسمي عريق و (الحميدية) ولهم صلة بأولاد راشد وتقع مناطقهم قرب وادي الحمرة وابكر وشوكان وعلى تخوم ديار الزبدة، وبني هلبة.

يذكر ناختيقال أن من المجموعات العربية التي ساندت عبدالكريم بن جامع وسكان وداي الأصليون من الإستيلاء علي الحكم وبالتالي نالت إمتياز سلطوي هي المهرية والعريقات والنوايبة وبني هلبة وأبو شدر. وذكر ناختيقال أن مجموعات الودّاي التي تتحدث لغة المَابَا هي : كدوي، أولاد جمعة، قالوم، ضكير، ملنقا، مادبا، دبا، وأن لغات : المساليت، المَرفَا، الكَشامرة، كوندونقو لها علاقة بلغة المابا.

ويقول أن التوزيع السكاني لقبائل ودّاي – بإستثناء العرب – فيقول أن الشمال والشمال الشرقي الذي يسمى بدار المَبَا هو المقر الرئيسي لمجموعات شعوب ودّاي الأصليين وأن أبو سنون وأولاد جمعة والمَلنقَا والكَجنقَا والكَرنقَا والمَرفَا والفَالَا والكَجاكسة والمَساليت، تستوطن المنطقة الوسطى للسلطنة، وعلى جزء من الشمال والشمال الغربي للسلطنة يتمركز الدازا والزغاوة، وتقطن الإقليم الغربي قبائل الكُوكَا والبِلالة والمَسامَجة وإلى الجنوب الغربي تتمركز قبائل المُوبِي والداجو وأبوتلفان، أما الإقليم الجنوبي فهو موطن المَنقَارَي والكِبيت والبِرقد والرنُقا، أما الأسنقُور يقطنون الشرق والتاما في الشمال الشرقي.

(٥) نظام الحكم والتجارة وسبل كسب العيش في سلطنة ودَّاي:

يتحدث ناختيقال عن قصر السلطان – مجلس السلطان – قادة المناطق و الجيوش.

(أ) السلطان واعتلاء عرش المملكة:

ذكر ناختيقال أن العرش ينتقل للإبن الأكبر المولود من زواج شرعي أو إلي أقارب السلطان من في عروقهم دماء ملكية من المجموعات التي تمثل أصل الودَّاي وهم الكدوي أبوسنون وأولاد جمعة والملنقا والمادبا والمادلا والكُونُدونقو، أما أبناء السلطان من المستعبدات (أَنَرمِيل) أو منتميات لقبائل أُخضِعت بالسيف فلا يحق لهم إعتلاء العرش. ويصف ناختيقال قصر السلطان مداخله وأقسامه الداخلية؛ مثل قسم غرف السلطان وجناح النساء (الهبابات) وأكواخهن التي تقارب الخمسين كوخ، والخدم الفلنقايات، و(الممو) الملكة الأم، و(الميارم) جمع ميرم شقيقات السلطان وهُن صاحبات نفوذ عكس زوجات السلطان، وأن الرجال (الخِصيان) لهم دور كبير في السلطة وتنظيم علاقاتها، وأن جزء من مهام كبير الخِصيان هي الإهتمام بقضايا زوجات السلطان، وكما استرسل ناختيقال في وصف مراسم التنصيب أو التتويج ومبايعة العلماء للسلطان الجديد، وأن (خشم الكلام)؛ هو المنادي الذي يخرج ويطوف المدينة معلنا تنصيب السلطان الجديد، فعندما كان البلاط في – وَارَا – كان لِزامًا على السُلطان الجديد قضاء أُسبوع في جبل (سُرقة) مقر النحاس السلطاني وبانتهاء الفترة تُنحر مئة من البقر ومثلها من الإبل والخراف بمدافن السلاطين في (تَمنّق) لأرواح أسلافه ويقسم اللحم على سكان القرى المجاورة – حُراس الأضّرِحة – وأن المُترجمين (خُشوم الكلام) عادة ينتمون لقبائل العريقات أو المهرية، ويقوم السلطان الجديد بتسريح نساء السلطان المتوفي، وأن الأولاد المولودين من أمهات حرائر ومؤهلين لاعتلاء العرش – تُسمل – أعينهم بواسطة رئيس الحدادين (سُلطان الحدّادين) عن طريق قطعة مُحماة من الحديد، وفي بعض الأحيان يتجاوز بعض السلاطين هذه العادة القاسية. وبعد التتويج تأتي الوفود من مقاطعات (باقِرمِي – تاما – سِلا – رنُقا) محملة بالهدايا. وأخيرا يستقبل السلطان سفراء الدول المجاورة – برنو ودارفور – كما يرسل السلطان عددا من (الخِصيان) إلى القسطنطينية مع عطايا مجزية للمدن المقدسة – مكة والمدينة.

(ب) مجلس السلطان:

المستشارون الحكماء الكبار وهم (الكمكُلك) جمعها الكماكل وهم الأجاويد و(التنقا كُلك) و (التُلك).

وأن (الجَرمَة) : هم المُشرفون على الإسطبلات السلطانية بالإضافة إلى قيامهم بمهام مهنية وإدارية أخرى؛ كأن يكون أحدهم مسؤول عن الخيل أو الحُراس الخصوصيون للسلطان أو إدارة أحد أقاليم البلاد.

(ج) المسؤولين وقادة الجيوش حكام المناطق

تُقسّم سلطنة ودّاي سياسيا الي:

١. المديرية الشمالية؛ أي دار (تِرتالو)

٢. المديرية الجنوبية؛ أي دار الصعيد، دار (ترلولو).

٣. المديرية الشرقية؛ أي دار (تُلك).

٤. المديرية الغربية؛ أي دار (لُلُك)، وتشمل إدارات القبائل الحدودية من الأَسنقور ومساليت الحوش الشرقية.

٥. مديرية المراكز الجبلية؛ أي دار (كدرو) وتشمل المناطق الجبلية مثل أبو تلفان وديار التُنجُر.

٦. أن المسؤولون (الكمكلك أو الكماكل) من مجلس السلطان و (العُقداء) قادة الجيوش هم الموظفون الأكثر أهمية في الدولة يقومون بإدارة المديريات، ويوجد بينهم الأحرار والأرقاء والمخصيين ومن مهامهم إدارة القرى التي تقع في دائرة اختصاصهم، وتطبيق القانون على أهلها، والإشراف على الأراضي والآبار والأنهار، ويقاسمون سلطات قضائية مع الكماكل وجمع الغرامات والضرائب، وقيادة الحملات العسكرية وإستنفار الأهالي وحث الناس على القتال

الشيوخ ؛ وهم لحُكم مناطق القبائل الصغيرة.

. ٧. إدارة الفئات المجتمعية وهم (سلطان الرُحل)، و( سُلطان الحدادين ) بالحدادين هم طبقة منبوذة في ودّاي ودارفور وبرنو وبالأخص بين قبائل التبو. وان الحدادين لا تُقبل مصاهرتهم، لذا يتزاوجون فيما بينهم ولا يؤاكلهم أحد، وعبارة – حدّاد – سُبة لا تُغتفر وقد تؤدي إلي سفك الدماء.

كما هنالك وظيفة (التراجنة) مفردها ترنجك ويعتبرون القوات الشرطية الخاصة، مهمتهم مراقبة من تجري في عروقهم دماء ملكية لكشف أي مؤامرات تهدد عرش السلطان، كما ينفذون أحكام الإعدام علي شاغلي الرتب العليا، ويعمل أربعة منهم كضباط لحراس السلطان الشخصيين الذين قد يبلغ عددهم الآلاف عند الخطوب للذود والدفاع عن السلطان

أما وظيفة (الفتاشي) ؛ أي المفتش الذي يتولى الرقابة سرا على المشروبات كالمريسة وله سلطة توقيع العقوبات كالجلد أو إتلاف الأواني أو حلق الرأس .

(د) المحاكم والقضاء :

القضاء هو من سلطات الكماكل والفقهاء، لتطبيق القانون إذا كان غرامات أو إعدامات، وأن بعض المنازعات لا يفصل فيها إلا السلطان بعض المحاكم تتكون من اثنين لكل من الكماكل والملوك والفقهاء.

في حالة الحروب تلتزم كل قبيلة بالدفع بفرسانها للميدان، ذكر ناختيقال أن سلطان ودَّاي يمتلك حوالي أربعة ألف من البنادق والتي يجلبها العرب من نواحي طرابلس وساحل شمال أفريقيا، أما أسلحة البارود يجلبها تجار النيل. فعند بداية الحرب يكون السلطان بجناح الوسط والعُقداء في الطليعة والكماكل وحملة الفؤوس وحملة الرماح والبنادق والمتحصنون بالدروق والتروس حماة السلطان ومن خلفهم الطويرات حملة الرماح وسلطان الحدادين وأتباعة والخصيان من رجال الملكة (ممو). كما تناول ناختيقال طبيعة المساكن بقري السلطنة، مبانيها واكواخها، وعن الأطفال طلبة القرآن، ويتناول ناختيقال مجمل تفاصيل الحياة، الأعياد، مناسبات الزواج، أنواع المشروبات الروحية والتبادلات التجارية..

(٦) تاريخ ودّاي

يذكر نختقال أن مناطق من دارفور ووداي قبل دخول الإسلام كان التنجر هم سادتها وقد أجهز عبدالكريم بن جامع علي نفوذهم وسلطانهم بودَّاي.

. ١. عبدالكريم بن جامع مؤسس سلطنة ودَّاي (١٦٣٥م – ١٦٥٥م)

يقول ناختيقال أن جامع قدم مع أسرته من ناحية الشرق قبل سقوط التنجر بوقت طويل، وأن أصول هذه الأسرة ترجع للجعليين في شندي وجدهم هو صالح بن عبدالله بن عباس ولذا يسمون أنفسهم بالعباسيين، وأن ربط أسرة جامع عند بعض العلماء بقبيلة القمر هو إعتقاد خاطئ، مكث هؤلاء المهاجرون أولا في دارفور بالإقليم الجبلي شرق كوبي المعروف باسم (وودا) ثم إنتقلوا إلي جبل برقو شرق كبكابية قبل حلولهم  بدار ودَّاي. استقر جامع في (دُبا) علي تخوم وارا – العاصمة القديمة – واستطاع ابنه عبدالكريم تكوين مجتمعا إسلاميا صغيرا ارتبط به دعويا منذ أن كان في (بِّديري) – من أعمال باقرمة – وعند عودته خطط لإزاحة الحكم الوثني، وجرت الأمور كالآتي : كان للملك داؤد – ملك التنجر – بنت تسمي (الميرم أيسة) تأمرت مع عبدالكريم لخلع والدها من الحكم، أدرك الملك داؤد المؤامرة، وأمر بالقبض علي عبدالكريم، إلا أنه تمكن من الهرب ولاحقا كون تحالف من مجموعات المبا بالمنطقة وزعماء عرب المهرية والنوايبة والعريقات، وإنتزع الحكم من ملك التُنجر، وأسس بداية مملكة ودَّاي وعاصمتها – وارا – وخلال فترة حكمه كان يدفع الضريبة لدارفور كما كان يفعل التُنحر.

٢. السلطان عروس بن عبدالكريم بن جامع (١٦٥٥م – ١٦٧٨م).

٣. السلطان خريف بن عروس (١٦٧٨م – ١٦٨١م) الذي قتل بعد اعتلائه العرش بثلاث سنوات في حملة ضد (ملبس) سلطان تاما في (نايري).

٤. السلطان يعقوب بن عروس (١٦٨١م – ١٧٠٧م) الشقيق الأصغر للسلطان خريف، يذكر ناختيقال الرواية الشعبية التي تقول أن الأمطار كفت عن الهطول لسبعة أعوام متتالية، كجزاء إلهي لعدم إخلاص الرجال لملكهم خريف عند مقتله بدار تاما، وأن الأمطار لم تهطل إلا بعد أن أعاد السلطان يعقوب جثمان أخيه من دار تاما والذي وجده بكامل هيئه ولم يتحلل، ومن بعدها ازدهرت البلاد.

كما أوقف السلطان عروس عادة إرسال – أميرة – ضريبة للسلطان أحمد بكر سلطان دارفور، بل حاول السلطان عروس غزو دارفور، وسار حتي وصل رهد (برقنا) المتاخم لجبل مرة، وأرسل السلطان أحمد بكر جنوده الذي حاصروا السلطان عروس، الذي إنسحب وبعدها تم إبرام إتفاقية سلام بين الطرفين؛ إلا أنه عندما آلت السلطة في دارفور للسلطان عمر ليل حفيد السلطان أحمد بكر طالب ودَّاي بدفع تلك الضريبة، وعندما لم يتلقي الرد، سار بجيشه والتقي بجيوش السلطان عروس، إنتهي الأمر بأسر السلطان عمر ليل الذي أقضي بقية حياته بوداي إلي أن وافته المنية هناك.

٥. السلطان عروس بن يعقوب بن عروس (١٧٠٧م – ١٧٤٧).

٠ عاما كانت عهدا للسلام والرفاهية وتأمين البلاد

.  ٦. السلطان جودة بن عروس بن يعقوب (١٧٤٧م – ١٧٩٥م)

يعتبره الكثيرون المؤسس الثاني للسلطنة، وفي عهده توفي عمر ليل سلطان دارفور الأسير، فقرر السلطان أبو القاسم شقيق عمر ليل وخليفته الانتقام من ودّاي عقب تلقيه خبر وفاة شقيقه، جهز جيشا وسار به إلي ودَّاي وخاض معركة مع جيوش السلطان جودة عروس، وهُزم جيش سلطان الفور، وأَسر جيوش ودّاي أمير البحر الكينجاوي من جيش الفور وظنوا أنه السلطان أبو القاسم، الذي في حقيقة الأمر أصيب بكتفه وولي هاربا لبلاده، لقد قاد السلطان جودة ثمان حملات ضد الوثنيين (الجناخرة) جنوب البلاد، وأخضع الجزء الأكبر من كانم.

. ٧. السلطان صالح درت بن جودة (١٧٩٥م – ١٨٠٣م )

٨ . السلطان عبدالكريم صابون بن صالح درت (١٨٠٣م – ١٨١٣م).

صعد إلي العرش بعد مقتل أبيه صالح درت عبر ملابسات على إثرها كان صابون باطشا بأقاربه وبكل مناوئيه في الحكم، وأن أخيه (أسد) فر إلي دارفور طلبا لحماية السلطان محمد الفضل إلا أن أسد تم إستدراجه إلي ودّاي وسُملت أعينه، لقد نجح عبدالكريم صابون في غزو باقرمة، ومنذ ذلك التاريخ صارت باقرمة تدفع الجزية لودَّاي، كما قاد عبدالكريم صابون حملة ضد (أبو دريك) سلطان تاما واقتحم حصونه إلى أن فر لديار الزغاوة، وأخيرا أبقي علي أبو دريك بعد أن التزم بدفع الجزية لودّاي. وأخمد صابون تمرد الكدوي والقِمر . وبعده تم تنصيب إبنه محمد بساطي إلا أنه توفي بمرض الجدري بعد شهرين من اعتلائه العرش. ٩. السلطان يوسف (خريفين ) بن عبدالكريم صابون (١٨١٣م – ١٨٢٩م)

اعتلى العرش وهو طفلا لم يبلغ الحلم

. ١٠. السلطان راغب بن خريفين

١١. السلطان عبد العزيز بن درمة.

يذكر ناختيقال الضعف والتفكك والتمردات والصراعات الداخلية، والثورات الداخلية التي إستنزفت البلاد وصارت حمامات من الدم. توفي السلطان عبد العزيز وكان أبناءه في سن الطفولة، وبأسم أكبرهم آدم سيطر خاله كمكلك (أبو أمة) علي الحكم وجمع قواته للتصدي للجيش الغازي من دارفور التي كانت في عهد السلطان محمد الفضل، و اصطحبت الحملة إلي ودّاي معها الأمير محمد شريف أحد أمراء ودّاي وهو ابن السلطان صالح درت الذي فرّ إلى دارفور أبان عهد السلطان صابون، ولكن يقول ناختيقال أن الراجح هو انتحال عزالدين شخصية شقيقه محمد شريف اعتلائه العرش بمساعدة جيوش الفور

.  ١٢. السلطان محمد شريف (١٨٣٥م – ١٨٥٨م )

خاض محمد شريف حروب مع تاما ومع برنو وسار حتي بحيرة تشاد وعبرها إلي كسري، ودخل مفاوضات مع خصومه في برنو، وعاد إلي ودّاي. لقد قام السلطان محمد شريف بنقل العاصمة من وارا إلي أبشي، وفقد محمد شريف بصره، ومع إزدياد العصيان والتمردات والمعارك الداخلية التي خلفت أكثر من سبعة ألف قتيل . وأخيرا واجه محمد شريف إبنه تنتلك محمد المتمرد الذي فرّ الى دار تاما.

.  ١٣. السلطان علي محمد شريف

بدأ حكمه منذ العام (١٨٥٨م) واستمر لتاريخ زيارة ناختيقال ١٨٧٣م، إستقرت في عهده البلاد، لقد درج السلطان علي اختيار موظفيه دون التقيد انتماءاتهم القبلية أو العائلية – خلافا لما جري عليه العمل – وكان يعطي المنصب لمن يستحقه متي ما أنس في المرشح الكفاءة، وتميز عهده بالتطبيق الصارم لمبادئ العدالة والسلوك القويم .وبعدها بدأ ناختيقال رحلته إلي دارفور من تاريخ ١١ يناير – ٨ مارس ١٨٧٤م.

ثانيا : الرحلة إلى دارفور

( ١ ) من أبّشي دار ودّاي إلى دارفور

تحرك ناختيقال من مدينة أبشي مع القافلة المتجه إلي دارفور، معهم أحمد تنقا ” الصغير ” رئيس التجار بودّاي، وأن هنالك ثلاثة طُرق لدارفور، أحدهم يأخذ إنحناءة نحو الشمال عبر إقليم تاما، والثاني يقع إلى الشمال الشرقي عبر دار سِلا، أما الثالث فهو طريق القوافل المتجهة نحو الشرق مباشرة حتي دارفور . مرّت القافلة بوادي (قرميل) وشرق جبال كلقن وقرية (مُرّة). يصف ناختيقال طبيعة التربة وتنوعها والأودية وطبيعتها والغطاء النباتي، عبرت القافلة قرية (تَركَنة) عاصمة الإقليم الشرقي لدار ودَّاي ومقر حاكم الإقليم، ويواصل نختقال في وصف تفاصيل المناطق إلي أن وصلت الرحلة السلسلة المعروفة ب (ترجي ودَّاي) ومن ثم وادي (أسُونقا) ووادي (بير دقيق) بالقرب من حدود تاما ويتبع هذا الإقليم للمسئول حنفي مسئول (دار فيا) يصف ناختيقال حياة وطبيعة مجموعات الفور و الترجم و المحاميد الذين يقابلونهم بالطريق. تمر الرحلة بوادي كجا، و يقول أن المَرارِيت يعيشون جنوب دار قِمر وشرق وداي (سناط) وعند وصولهم منطقة (تنيت) تلقوا أنباء مؤكدة عن هزائم جيش دارفور الذي هاجم قوات الزبير وكانت القوة في البداية سجلت نصرا حاسما على قوات النور (النور عنقرة كان حينها من أعوان الزبير) وأن أحمد شطة وعبدالباري سقطا في المعركة التي نشبت في اليوم التالي وأن السلطان إبراهيم سيقود الجيوش بنفسه. تحركت القافلة من تنيت إلي كبكابية، ويذكر ناختيقال الأودية وأشجار النبق والهجليج والطُندب، يوثق الحوارات التي تدور بين الأفراد والمنتمين لمجموعات متباينة وتفضيلاتهم لمناطق العيش والحياة، وذكر أن شيخ النوايبة في معرض حديثة عن وضع العرب، يقول أنه أفضل في دارفور حيث يعاملون معاملة المواطنين خلافا للوضع في سلطنة ودَّاي حيث يعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية و يُحرم الفرد من أبسط الحقوق ويُمنع من دخول العاصمة إلا حاسر الرأس حافي القدمين. لقد مرت الرحلة بقرية (مرشام) وجبال (كاورا) المتفرع من سلسلة جبل مرة، ثم وادي (كبكابية) والتي تعني بلغة الفور أن الودَّاي (رموا الدروع) في معركة بينهم والفور في هذا المكان . ويقع إقليم كبكابية علي سفح جبل مرة، لقد سارت القافلة جنوب جبل (أبو كتف) ومنها إلي (كوبي) وهي مقر للتُجار الجلابة الذين استقروا في الفاشر وحكي ناختيقال عن أهم العملات المتداولة وهي (قطع التُرمبا) و الدولار (ماري تريزا) وقماش (الطرق) وهو قطع رفيعة داكنة اللون من القماش المصبوغ باللون الأزرق..

(٢) الإقامة في الفاشر ٩ مارس ١٨٧٤م

يصف ناختيقال وداي أو رهد (تَندَلتي) وهو إسم المدينة، وأن (الفاشر) تعني مجلس السلطان أو العاصمة التي تم نقلها إلي هذا الموقع في عهد السلطان عبد الرحمن الملقب بعبد الرحمن الرشيد، حيث كانت سابقا في منطقة (طُرة). أقام ناختيقال بحّي الجلابة (سويلنقا) ويقول المترجم ديدان في الغالب هي تصغير لسولنقا والتي تعني (العربي) بلغة الفور. قدم ناختيقال وصفا دقيقا لقصر ومحل إقامة السلطان، وتقاليد المقابلات السلطانية وذكر أن السلطان إبراهيم وعد بحمايته ومساعدته في رحلته إلى مصر التي تستعجل حضوره . لاحقا وجد ناختيقال فرصة وقدم طلب إذن تجوال داخل البلاد، مبررا ذلك بأنه يريد الذهاب جنوبا ليري نبع (رتوتوك) بجبل مرة ذي المياه الساخنة، إلا أن السلطان إبراهيم رفض الطلب وقال أن البلاد لا تحتمل فهناك نزاع قائم مع الحكومة المصرية وأنه لا يأمن على حياته خارج العاصمة، وبعدها تخلي ناختيقال عن فكرة التجول داخل البلاد بغرض دراسة المنطقة وشعبها، إلا أنه طلب من السلطان المساعدة في ترشيح ثلاثة أشخاص على أن تكون لأحدهم الدراية بالأراضي والحواكير وآخر يعرف تاريخها وثالث ملما باللغة العربية واللهجة المحلية؛ فكانوا الفكي عبدالعزيز الذي هاجر أسلافه من باقرمي إلي دارفور في عهد السلطان أحمد بكر ( ١٦٨٢م – ١٧٢٢م ) وشقيقه الفكي محمد  والباسي طاهر، و(باسي) تعني العظيم بلغة الفور.

(٣) تاريخ دارفور

ذكر ناختيقال أن ما وجده من مصادر تاريخية شحيحة لا يمكن اعتماده كمصدر حقيقي لتفاصيل تاريخ دارفور، وأن هذا التدوين يقتصر على السرد لذكري حكام البلاد دون إسنادها لتوايخ محدده، ويحمل تضارب وتناقض في كثير من الروايات في أمور جوهرية. وجد ناختيقال قائمة بها ١٣ إسما لسلاطين أسرة (الكيرا) و ٢٥ من سلاطين (الداجو) و٢٠ من سلاطين (التُنجر) ويقول إلا أن هنالك أخطاء جوهرية ومتناقضة بشأن الحقب الزمنية والتسلسل الموضوعي التاريخي . يقال أن أول سلاطين الداجو، السلطان (جتار) عاش بجبل مرة، يذكر ناختيقال أن هنالك مخطوطين عتيقين أحداهما مع باسي أحمد الطاهر عبارة عن أوراق رسمية لتواريخ مضى عليها الدهر، وآخر مخطوط سلطاني يعرف بكتاب (دالي) في حيازة الأبو شيخ دالي، يحتوي على المبادئ الأساسية للإدارة والنظام القضائي. لقد عاش سلاطين – الداجُو – في جبل مرة منذ أمد بعيد، وأن سلطنتهم لم تكن مطلقة بل اقتصر نفوذهم على الفور والقبائل الأخرى على تحصيل الضرائب، وأن سلطانهم الأول (كوسبر) عاش في (دُبا) علي السفح الشرقي للجبل ودفن هناك، يقول نختقال أن أحد أمراء الداجو الذين فروا من دار سِلا لودَّاي؛ سلمه  تحوي ٢١ إسما من سلاطين الداجو، لاحظ نختقال أن أغلب حكامهم يحملون الأسماء العربية. أما – التُنجر – يدعون بأن جذورهم تعود للجزيرة العربية وأن أصولهم الحديثة تعود لتونس و أبو زيد الهلالي، يقول ناختيقال أنه وجد بعض التُنجر في منطقة يقال لها (تونس) بمملكة كانم، وتشير المراجع إلى أن جدهم هو (أحمد المعقور) والذي ينتسب إليه أيضا (الكيرا) حكام الفور الحاليون، وأن التُنجر سحبوا البساط من الداجو دون قتال، وهم وثيقي الصلة بشعوب الجبال الأخرى التي تعيش في عزلة عن بعضها البعض، وأنهم أدخلوا الثقافة العربية لدارفور، واقتصر سلطانهم على القبائل الجبلية فقط مع إلزام البقية كالداجو بدفع الضرائب فقط؛ ولا تقتصر دلائل الصلة بين الكيرا أسرة الفور المالكة والتنجر على ادعاءات الطرفين بالإنتماء لـ أحمد المعقور فقط، بل بثبوت إنتقال السلطة من التنجر إلي أسرة الكيرا . ويقول ناختيقال حسب الروايات أن قائمة حكام دارفور كالآتي:

١. حكم الداجو لعدة قرون جبل مرة، ثم إنتقل سلطانهم إلى التنجر دون قتال.

.  ٢. تصاهر التنجر والكيرا ” من قبيلة الفور” وبمرور الزمن تكونت أسرة كيرا الحاكمة نتيجة هذا التمازج ثم انتزعت حكم دارفور بالقوة من التنجر.

٣. دخل الإسلام دارفور إبان حكم الكيرا وتحديدا في عهد السلطان سليمان صولون (سلونقا)، حوالي عام ١٦٠٠م. كما تناول ناختيقال تحليل التضارب في العلاقات والتواريخ في الرواية التي تقول أن أحمد المعقور عندما دخل دارفور حظي بمكانة سامية لدي (كورما) السلطان الذي لم يرد إسمه في القوائم المختلفة لحكام دارفور، أن كورما تزوج من (فورا) إبنة زعيم الكيرا والذي أنجبت له ابنا أسماه (شو) ثم طلقها، وتزوجها – فيما بعد – أحمد المعقور فأنجبت له ولده (دالي)  وهناك رواية أخري تقول بأن رفاعي بن أحمد المعقور هو الذي تزوج ابنة زعيم الكيرا وأنجب منها شو أو(سو) و (دالي)  ويقول ناختيقال أن كل الروايات تؤكد أن (شو) هو آخر حكام التنجر، وأنه من الواضح أن أسرة الكيرا تستمد إسمها من الأم فقط . وأن مقر السلطان (شو) الذي يلقب بدورشيد أو(دورسيد) في جبل (سي) أحد سلسلة جبال كاورا شمالي هضبة جبل مرة، بينما المقر الرئيسي للكيرا في جبل (نامي) علي سفح جبل مرة.

حكم سلاطين (الكيرا):

١. السلطان (دالي) وإسمه دليل بحر وهو مؤسس سلطنة الكيرا، تقول الرواية أنه انتزع الحكم من أخيه غير الشقيق (شو)، فرض دالي الأمن وسن القوانين التي مازالت تستمد إسمها منه، وعاش في جبل (نامي) و(طُرة) أرض أجداده لأمه، وقسم دالي البلاد إلي مديريات.

(أ). المديرية الشرقية (دار دالي)

(ب). المديرية الجنوبية (دار أما)

(ج). المديرية الجنوبية الغربية (دار دما)

(د). المديرية الشمالية (دار الريح) أو دار تكناوي

(ه). المديرية الغربية (دار الغرب)

ثم شَّرع – دالي – الأُسس التي تحقق الموارد لتلك المديريات عن طريق آليات إدارية واحدة، ثم وضع القانون الجنائي المعروف بكتاب دالي، وهو قانون وضعي غرضه إستنباط الوسائل لتحقيق الموارد، لا يتضمن أي عقوبات إستئصالية كالإعدام أو بدنية، بل كان يكفل قدرا من الحريات الشخصية، وإقتصرت عقوباته علي الغرامات تبعا لجسامة الجرم . ويقال أن دالي حكم فترة طويلة نعمت فيها دارفور بالأمن والإستقرار، ويبدو أن عهده كان في منتصف القرن الخامس عشر، ويذكر ناختيقال أنه قد خلف دالي عشرة من السلاطين لم نقف على تواريخ حكمهم. أن للسلطان دالي ثلاثة أبناء وهم (صابون) و (سيكر) و(بحر) ويستمر ناختيقال في تناول أبناء وأحفاد دالي إلا أن يصل لإسم (كورو) الذي تكرر في قوائم الأسرة أنه أب للسلطان سليمان صولون، وأن كورو هُزم في صراع السلطة على يد (تونسام بن بحر) جد المسبعات.

. ٢. السلطان سليمان صولون (١٥٩٦م – ١٦٣٧م)

في أوج الصراع بين (كورو) و(تونسام)، أخفي كورو إبنه سليمان وهو في المهد مع مساليت الزربان في ودَّاي – عشيرته لأمه – ولاحقا خلع سليمان الحكم من تونسام، فأعطي سليمان روحا جديدة للسلطنة، وأيضا أدخل الإسلام وجعله الدين الرسمي للبلاد، تمددت السلطنة في عهده، ولم يستطع إخضاع كل ديار المساليت لكنه أخضع جزء منها، بالإضافة لبلاد الأورو والبرقد والزغاوة والمراريت والبيقو والتنجر، ثم وسع سلطانه شرقا حتي نهر عطبرة عمق النيل وشمالا حتي البديات، كما أحتل ديار البرتي الذين كانوا تحت إمرة السلطان (نامدو)، ودفن سليمان صولون في (طُرة) قلب السلطنة.

.  ٣. السلطان موسي سليمان صولون ( ١٦٣٧م – ١٦٨٢م )

٤. السلطان أحمد بكر بن موسي سليمان ( ١٦٨٢م – ١٧٢٢م ) .

أبرز السلاطين بعد دالي و سليمان صولون، استقدم الفقهاء وشيد المدارس وحث الأهالي علي مراعاة الفرائض الإسلامية، في عهده تدفقت الهجرة من بلاد برنو وباقرمة وتقاطر علي البلاد الفلاتة والعرب والبلالة وسكان النيل من الجلابة . عاش أحمد بكر في (قري) بدار كرني في البداية ثم استقر في ( أبو أسيل) بجبل مرة، وقاد حملات عسكرية ناجحة فهزم القمر وأجلي الودّاي عن دياره.

٥. السلطان محمد دورة أو (محمد هارون ) بن السلطان أحمد بكر (١٧٢٢م -١٧٣٢م) .

. ٦. السلطان عمر ليل بن محمد دورة (١٧٣٢م – ١٧٣٩م )

عمر ليل – أي عمر الحمار – يتداول الفور الاسم كناية عن الصبر والتحمل، بدأ في (موجالا) ثم انتقل إلى (قوقرما) المديرية الغربية على وادي جلداما . حبس شقيقة أبو القاسم في جبل مرة مع دليب وأبيض أبناء أحمد بكر اللذان فرا – فيما بعد – وإنضما لعيساوي بن جنقول حاكم المسبعات في كردفان، كان السلطان عمر محبا للقتال، قاد حملة للقتال ضد ودَّاي بقيادة (دوقاباني) وتعني (الحملة الطائرة) كلفته عرشه و أفقدته حريته.

. السلطان أبو القاسم بن محمد دورة (١٧٣٩م – ١٧٥٢م) ٧.

إنتقاما للهزيمة من ودَّاي جهز جيشا كبيرا لغزوها لكنه هُزم، وتخلص من حكمه كبار رجالات الدولة ليخلفه السلطان تيراب

. السلطان محمد تيراب (١٧٥٢م – ١٧٨٥م) ٨.

فرض هيبة الدولة وحارب الفساد، ولعدم تجاوب الناس معه إضطر لتقريب الزغاوة – أهل والدته – وعين هاروت من زغاوة كوبي سلطانا على الإقليم وأعطاه النحاس، كما عين عمر بن هاروت في وظيفة ( أرندلنق) أي مدير المقر السلطاني، ونال الأبن الآخر حسيب الأقرن وظيفة ( أبو ألنقا ) وهي درجة عالية تجمع تسعة عشر اختصاصا رفيعا.

خاض تيراب مجموعة من الحروب ، وتوفي في كردفان وهو في طريقه لمقابلة ملك الفونج

. ٩. السلطان عبدالرحمن بن احمد بكر (١٧٨٥م – ١٧٩٩م)

خاض حربا كادت أن تقسم البلاد مع إساغة تيراب، وأدار خلافه علي مراحل مع حاكم الإقليم الشرقي لدارفور (أبو شيخ كُرا ) وهو منصب الوزير الأعظم وقائد الجيوش، وتعود أصوله للتنجر، الذي أخضع المسبعات في كردفان، وسحقهم في أم جنيحات وجعل من (بارا) مقرا له، ووطد سلطانه وأعطي لنفسه والإقليم استقلالية أكثر من المسموح به عند السلطان .

. ١٠. السلطان محمد الفضل بن عبدالرحمن

كان صغيرا عند تنصيبه، وسُلم الحكم بعدها بثلاث سنوات حكمها القائد (كُرا). في عهده حاول المقدوم (مسلم) حاكم كردفان أن يستقل بحكمه عن دارفور، وهو الذي خلف (دكومي) علي حكمها، ويقول ناختيقال أن محمد الفضل أصبح ظالما باطشا، سام القبائل العربية سوء العذاب و أوسعهم ذبحا ونهبا و تقتيلا، فحدثت مذبحة بن هلبة، ومعارك إنتهت بتشتيت العريقات ليلتحقوا بقبائل أخري في مقدمتها قبيلة المحاميد في تاما. كما بدأ حرب الرزيقات التي استمرت لسنوات عديدة، مات فيها الاَلاف لكنها لم تنجح في إخضاعهم. وخاض السلطان صراعات كبيرة مع المؤملين في اعتلاء العرش، خاصة أخويه حسب الكريم وأبو مدين. وفي نهاية حكمه خاض حربا ضد ودَّاي، إنتهت بتولي محمد شريف أمير ودَّاي الذي كان يقيم في (جمعان) بجنوب دارفور ليصبح سلطانا لودَّاي.

. ١١. السلطان حسين محمد الفضل

اعتلي العرش بوصيه من والده،

إستمرت في عهده الحرب علي الرزيقات ، كانت علاقته جيدة مع سلطان ودَّاي علي محمد شريف، كما نجح السلطان حسين في الحفاظ علي السلام مع مصر، وتحصل علي فرمانين من عبدالمجيد (١٨٣٩م – ١٨٦١م) وعبدالعزيز (١٨٦١م – ١٨٧٦م) – سلاطين القسطنطينية – ضمن بموجبهما إستقلال دارفور تحت حماية الباب العالي، رغم كل هذه الضمانات لقد قُدِّر للسلطان حسين أن يري بعينيه غزوة بلاده وإحتلالها بواسطة المصريين. يحكي ناختيقال قصة ( محمد البلالاوي) من طالب علم ببلاط السلطان حسين إلي صراعه مع الوزير المتسلط أحمد شطة حول أرض منحها له السلطان، فقتل الوزير إبني الفقيه، وفي نهاية الأمر توجه البلالاوي نحو العاصمة المصرية وتحدث لنائب الملك وأقنعه أنه من أسرة حاكمة وبهذه الصفة يستطيع أن يحكم دارفور وودَّاي حتي فُتري، ويمكنه مساعدة الحكومة المصرية في إحتلال دارفور، ردته الحكومة المصرية للخرطوم وألتقي بالنائب العام، وسمحت له الحكومة المصرية بتكوين فرقة عسكرية ودعمته بالأسلحة والمؤن وسمحت له بالتوجه نحو حدود دارفور الجنوبية؛ وبدأ محمد البلالاوي في مناوشة دارفور، وظهر له مغامر آخر وهو (الزبير) ينتمي لقبيلة الجعليين في شندي، والتحق الزبير بخدمة الحكومة، ثم عمل أخيرا في تجارة العاج والرقيق علي مقاطعات جنوب السودان، بدأ مع تاجر مصري يدعي (أبوعموري) المصري، وبعد كساد تجارة العاج والرقيق بجنوب دارفور، مما ضاق علي هؤلاء المغامرين، نشأ نزاع عنيف بين الزبير والبلالاوي إنتهي بمقتل الأخير، وإستطاع الزبير ضم قوات البلالاوي، وخاطب الخرطوم والقاهرة وقام بتعويض الحكومة عما أنفقته في تسليح البلالاوي، تواترت الأحداث بالمنطقة وتنامت قوة المغامرين (البحارة) بجميع البلدان حتي ديار برنو، حاول سلطان ودّاي حث جاره سلطان دارفور للقيام بفعل حاسم لدرء هذا الخطر المحدق، مع إستعداده للمشاركة بنفسه وبقواته لرد العدوان عن دارفور، الا ان السلطان حسين آثر التريث، وقال أن التخلص من البحارة بالقوة، يجعل الحكومة المصرية إتخاذه زريعة لإحتلال دارفور.

. ١٢. السلطان إبراهيم بن حسين

اعتلى العرش بعد وفاة والده، وفي هذه الأثناء عُين الزبير مديرا لمديرية بحر الغزال، وهاجم الزبير الرزيقات وهزمهم في (شكا)، ويورد مترجم الكتاب معلومة أنه في هذه المعركة أسر الزبير الخليفة عبدالله التعايشي – الذي حكم السودان فيما بعد – في هذه المعركة وهم بقتله وغير رأيه بناء على نصيحة مستشاريه. تطورت الأحداث بالمنطقة ودارت معارك متعددة . تلقي إسماعيل باشا أيوب الحاكم العام للسودان المصري أمرا للتقدم صوب دارفور، فتحرك من كردفان، وتوغل في أراضي دارفور بالتنسيق مع قوات الزبير الذي تحرك نحو الفاشر ودخل المدينة في بواكير خريف عام ١٨٧٤م. أقام إسماعيل باشا قيادته في (طُرة)، وفي عام ١٨٧٥م إستسلم الأمير حسب الله عم السلطان إبراهيم الذي توفي في معركة منواشي، وتم نفيهم للقاهرة كأسري حرب ، حيث إستقبلهم الخديوي في ربيع ١٨٧٥م.

( ٤ ) النُظم الإدارية لدارفور

يذكر ناختيقال أنه لإدارة البلاد التي تم فتحها حديثا بواسطة نائب سلطان مصر إسماعيل باشا (١٨٦٣م – ١٨٧٩م) نهج إسماعيل نهجا متشددا وقسم البلاد إلى خمس مديريات وهي:

. ١. المديرية الشمالية (دار تكناوي)

بها ١٢ مركز إداري.

. ٢. المديرية الجنوبية (دار أمة)

. المديرية الجنوبية الغربية (دار دما) ٣.

. بها ١٢ مركز إداري، عرف هذا الإقليم بإسم دمنقا ويسمي حاكمه الدمينقاوي، ويقع الآن في زالنجي

. ٤. المديرية الشرقية (دار دالي)

بها ٥ مراكز إدارية.

. ٥. المديرية الغربية (دار الغرب)

بها ٣ مركز كبيرة وهي دار فيا، دار كرني ودار كير.

في عهد السلطنة كان:

(أ) لكل مديرية حاكم يسمي (أبو) مضافا لإسم المديرية مثلا أبو تكناوي، أبو أمة، أبو دالي …الخ، بإستثناء دار الغرب. وفقا للأعراف القديمة فإن أبو تكناوي من (الكنيونقا) فرع من قبيلة الفور، والأبو أمة من (السومنقا)، والأبو دمة من (المرنقا)، أما مديرية دالي فغالبا ما تسند لكبير الخصيان فيلقب بأبوشيخ دالي، وهو الوصي علي أولاد السلطان المتوفي، إذا كانوا قُصرا تؤول له كافة الصلاحيات.

هنالك مناطق مستثناة من النُظم الإدارية و تخضع مباشرة للسلطان، وتدار عبر شراتي وهي (دار طرة ) و(روكرو) أي بئر السلطان وهي أكثر مناطق البلاد خصوبة، ويعود ريعها للسلطان وأفراد عائلته.

(ب) تقسم المديريات إلي مراكز ويحكم كل مركز (شرتاي).

(ج) تقسم المراكز إلي إدارات أصغر علي رأس كل إدارة مسئول يسمي (الدملج).

(د) توجد وظيفة وسيطة بين الشرتاي والدملج ويسمي شاغلها (زامبي) أو زامي ويشرف هذا الزامبي علي الدمالج والذين يطلق عليهم الفقهاء أي مديرو مدارس وخلاوي القري، والذين يتولون كتابة الرسائل لمن هم دونهم.

(ه) سلاطين وشيوخ وفرش القبائل.

أن وظائف ” الأبو – الشرتاي – الدملج – والزامي او الزامبي ” هي وظائف لمسئولون عن إدارة قبائل الفور . لذلك توجد وظائف أخري بلفظ (سلطان) لكن يميز بينها وبين – سلطان البلاد.

سلاطين لقبائل : المسبعات، البرقد، البيقو، المساليت، المراريت، زغاوة كولي، الذين يعيشون في المناطق الداخلية للبلاد يتبعون لسلاطين يتولون شؤونهم .

أما القبائل العربية : المعروفة بقوتها وأهميتها التاريخية تتعامل معها الحكومة عن طريق شيوخها وشيوخ النحاس أي (شيوخ الطبول الكبيرة) والذين يعدون في مرتبة السلاطين الآخرين.

أما التاما والأرو وبعض فروع المساليت في غرب البلاد :  تدار شئونهم عن طريق شيوخ يطلق عليهم (الفرشة) أي البساط.

(و) موظفو بلاط السلطان.

.  ١. المقدوم : وظيفة بسلطات عليا، يتولي مراقبة ال (أبو) حكام المديريات

٢. الأبو شيخ أو أبو دالي يتميز عن بقية حكام المديريات بوظيفته الإدارية ببلاط السلطان، أما الآخرون فيلتزمون البقاء في مناطقهم ولا يأتون للعاصمة إلا بناء علي إستدعاء من السلطان.

. ٣. الملكة الأم (أبا كُري أو أري) أما (الأياباسي) وتعني المرأة العظيمة وعادة ما تكون أخت السلطان

. ٤. الكامين : أي عنق السلطان ويطلق عليهم لفظ ظل السلطان ولهم وضعية تقارب درجة الملكة الأم

. ٥. الأرندلنق : أي حارس الباب وهو مدير مدينة الفاشر وعمدتها ورئيس الدرك وممثل السلطان في المديرية الغربية

. ٦.الفورنق أبا : هو خبير القوانين والأعراف والقيم والقاضي بفصل المنازعات، ويذكر نختقال ملاحظة أنه رغم دخول الإسلام، إلا أن قوانين دالي هي السارية.

. ٧. الوزير (الأبو كوتنقا) والأبو دادنقا : وهم مشرفي القصر

تناول ناختيقال الأدوار التفصيلية لموظفي بلاط السلطان، بما في ذلك المشرفون على الطبول، والفلا قنة؛  الذين يخدمون في القصر ، وموظفي الأسطبل، ومراقب أعمال دباغة الجلود، ومترجم السلطان، ومراقب المخازن، كما ذكر ناختيقال تفاصيل إحتفالات أو تنصيب السلطان.

( ٥ ) السكان والمنتجات في دارفور:

ـ تناول نختقال أوصاف تفصيلية للمجموعات والمجتمعات وعلاقاتها وإدعاءاتها لأصولها، إلى أن يقول أن أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان هي الوسط والغرب والجنوب الغربي، أما الشمال والشمال الغربي فأقل كثافة ، وكذلك الشرق الذي يكاد يكون خالي من السكان، وتتركز الكثافة السكانية تبعاً لخصوبة الأراضي ووفرة مياه الأمطار والمجاري المائية لجبل مرة، كما يورد تقديرات إحصائية لعدد القرى والسكان لكل مديرية ولكل السلطنة فيقدر عدد السكان بثلاثة ملايين ونصف المليون.

ـ يقول نختقال أن الضرائب والعشور التي تجبي من الغلال عن طريق جباة الضرائب ( أبو جباي ) وضرائب القطعان، والأراضي الزراعية (توقاندي).

ـ الجمارك يطلق عليها (خدمة) وتختلف حسب مصدر البضائع من ودَّاي أو كردفان.

(٦ ) اخرا الايام في الفاشر

(مايو – ١ يوليو ١٨٧٤م)

يتناول ناختيقال الحديث عن الأحداث التي تدور في جنوب البلاد حيث يضغط الزبير باشا رحمة وقواته علي ديار الرزيقات من جهة، كما يتقدم جلابي آخر من أتباع الزبير من (الدبة) عبر ديار التعايشة في الجهة الأخري طمعا في إحتلال دارفور. وينتقل ناختيقال ليقارن بين ثقافة المسكن والملبس في دارفور وودّاي وبرنو، كما يقول أنه عجز عن الحصول على الوثائق المتعلقة بالأسرة الحاكمة وتدرجها التاريخي، التي يقال أنها مدّونة في قانون (دالي). ويقول أيضا أن سلطان ودَّاي سارع بتكوين حلفا دفاعيا مع دارفور للتصدي للأتراك حتي الموت؛ الا أن ذلك لم يُراعي بعد رحيل السلطان حسين سلطان دارفور، وأخيرا تحرك نختقال مع قافلة من الفاشر إلي الأبيض ٢ يوليو – ١٠ أغسطس ١٨٧٤م..

 

يناير ٢٠٢٢

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى