بحوث ودراسات

عربي جوبا: الهجنة التآئهة بين الهوية والإنتمآء(2-3)

أ. أتيم سايمون

   عربي جوبا.. السمات والخصائص:

يحمل (عربي جوبا) جملة من الخصائص اللغوية والإجتماعية المتفردة. باعتباره لغة خلاسية تشكلت في ظروف تاريخية لها خصوصيتها، كلغة جديدة التحمت فيها البنية التركيبية(النحو والصرف والنظام الصوتي) للغات المجموعات المهيمن عليها، مع الموارد المعجمية(المفردات) للغة المجموعة المهيمنة، خالقة راموزا لغويا هجينا ثم خلاسيا تنامى على مر الزمن، وتولد، وامتدت مجالات استخدامه، ويرى عشاري أحمد محمود خليل:”إنّ الخصوصية الجوهرية للغات الخلاسية  تتخلق  متساوقة وبصفة حتمية مع الخصوصية التاريخية للتشكيلة الإجتماعية-الإقتصادية التي تتولد فيها، وهي خصوصية إتصلت، في كل حالات اللغات الهجين والخلاسية، بهيمنة اقلية ذات منعة إقتصادية أو حربية أو تجارية أو سياسية، على اغلبية مكونة من مجموعات عرقية متعددة، تتحدث لغات مختلفة وكانت عندئذ تعيش في إستقلال نسبي عن بعضها البعض الآخر. وفق أنماط إنتاج بدائية أو شبه بدائية” (محمود،:155 -1988).

هذا وقد اشار كلا من الأمين أبو منقة و يوسف الخليفة أبوبكر، في دراستهما للأوضاع اللغوية في السودان، إلّا أنّ(عربي جوبا) يمكن أن يصنف ضمن النمط الأول في تقسيم اللغات العربية التي يتحدثها الناطقون بلغات أخرى، و قد وصفوها بأنّها “اللغة العربية المتأثرة بخصائص اللغة الأم، فخضعت لنظام اللغة الأم في نظامها الصوتي والصرفي والنحوي، فمفرداتها العربية تفقد أكثر من عشرة أصوات عربية هي أصوات الإطباق، وأصوات الحلق (ص، ض، ط، ظ، ح، خ، ع، غ، ق) وأصوات أخرى، وفي بنية كلماتها تفقد الميزان الصرفي و التأنيث والتذكير، والتعريف والتنكير، وتفقد عددا من الضمائر والجموع، ولم يبق في كلماتها سوى ملامح الكلمة العربية التي تحتاج من السامع إلى تمعن لإدراك عربيتها، أمّا تراكيبها فقد تحولت إلى تراكيب اللغة الأم ، هذا النمط هو الذي نطلق عليه(عربية جوبا) ويسميها علماء اللسانيات اللغة الهجين .(Pidgin Language)

وأبانت عديد من الدراسات اللغوية بأنّ النظام الصوتي المستخدم في (عربي جوبا) غير ثابت وغير مستقر بدرجة كبيرة، لكنها أوردت ملاحظتين غاية في الأهمّية وهي أنّ بعض الأصوات وطريقة نطقها تقترب بدرجة كبيرة من النظام الصوتي لمجموعة الباري. المقيمة في العاصمة جوبا وامتداداتها، بينما تذهب الملاحظة الثانية إلّا أنّ (عربي جوبا) تحتفظ أيضاً ببعض النماذج الصوتية المستخدمة في العربية الفصحى.(Miller:2006) ويعود ذلك في تقدير كثير من الباحثين إلى محدودية الكلمات التي يتم التعويض عنها بكلمات من لغات الناطقين الأصليين، لذلك تخلص(عربي جوبا) من كثير من قواعد العربية وصرفها(حميد: 116).

يقول بول دينق، في دراسة له بعنوان(لهجة جوبا العربية) في توصيف الخصآئص الدلالية لـ(عربي جوبا):” إشتملت اللهجة المدروسة على جملة من المفردات الدخيلة التي كانت سببا في نموها المضطرد، وضمانا لاستمرارها، ووسيلة فعالة للاتصال والتعبير عن كوامن متحدثيها وتحقيقاً لأغراضهم في الحياة، فقد أخذت اللهجة من لغة الباري بقدر ليس بالقليل نظر لأنّها لغة البيئة التي نمت ولازالت تعيش فيها اللهجة”.

ويخلص بول دينق إلّا أنّ لغة الباري ستظل تخلع بعض عاداتها اللغوية على اللهجة المدروسة لفترات طويلة في المستقبل، مبينا أنّ هناك لغات أخرى دفعت بقدر من ذخيرتها اللغوية لتغذية اللهجة، ومنها التركية والكونغولية واليوغندية والأوربية، كما لاحظ في دراسته أنّ اللهجة(عربي جوبا) قد زادت من بعض المفردات العربية. (دينق، 2005م: 176).

عربي جوبا.. جدل الإنتمآء:

على الرغم من التعدد والزخم اللغوي الكبير الذي تتمتع به دولة جنوب السودان حديثة الإستقلال، إلّا أنّه لا توجد بها لغة تواصل مشتركة تجمع بين كافة مكونات البلاد من تلك اللغات المحلية /الأصلية/الوطنية، أو حتى الأجنبية المعترف بها في الوثائق الرسمية للدولة، وهي سمة توفرت لعربي جوبا دون غيره لتصبح هي لغة التواصل المشتركة الحقيقية واللغة الأكثر إنتشاراً من حيث عدد المتحدثين بها بصفة يومية على مستوى العاصمة جوبا وبعض المناطق، وهو ما جعلها تنتقل من طور اللغة الهجين إلى اللهجة المولدة، مثلما أنّها باتت أكثر تهيا للتحول إلى لغة أم للمواطنين الذين نشأوا في المراكز الحضرية الجديدة، وبذلك يمكن إعتبار أنّ عربي جوبا بات يلعب دور عامل التوحيد اللغوي في ظل عدم وجود أيّة لغة أخرى تجمع بين غالبية المجموعات اللغوية، وفي نفس التوقيت اصبحت تمثل لغة العاصمة الأولى .

أصبح(عربي جوبا) اللغة الأكثر ذيوعا على مستوى العاصمة جوبا والأكثر استخداما في السياقات الشفهية الشعبية مثل المحاكم الأهلية، إلى جانب توظيفها في البرامج والنشرات الإخبارية على مستوى الإذاعات المحلية، وفي المحادثات والحوارات اليومية في الشارع وبين الجيران، بالإضافة لاستخداماتها في مجالات الغنآء والمسرح والخطابات السياسية الشعبية والجماهيرية، وقد تمت كتابة(عربي جوبا) بالحرف اللاتيني من قبل بعض الإرساليات الكنسية المسيحية (Miller:2006)، مثلما كانت هناك محاولات مماثلة لكتابتها بالحرف العربي.

وفي دراسة ميدانية حديثة لـ(إستيفانو مانفيردي و ماورو توسكو) عن(عربي جوبا) باعتبارها لغة محلية تحظى بتقدير أقل، تقصى الباحثان وضعية إنتشارها اللغوي بعد إنفصال دولة جنوب السودان في العام 2013م، واتجاهات المتحدثين بها. ونظرتهم لها مقارنة بتاريخها السياسي والإجتماعي، حيث توصلا إلّا أنّ هناك نظرة إيجابية لعربي جوبا من قبل المتحدثين بها داخل العاصمة(مجتمع الدراسة)، وخلصت الدراسة  أيضاً إلى أنّ  المتحدثين ينظرون لاستخدامهم لعربي جوبا بصورة إيجابية، ويعتبرونها لغتهم الأولى، كما يجادلون بأنّها الوسيط اللغوي الوحيد الذي يساعد في الإتصال البين مجتمعي والمتجاوز للقبلية في جنوب السودان(Tosco,2019:212) وعلى النقيض من ذلك يعتبر الخطاب الحكومي الرسمي إنّ (عربي جوبا) واحدةٌ من تفرعات اللغة العربية لذلك لا يمكن اعتبارها باي حال من الأحوال(لغة اصلية) تنسب لجنوب السودان، وقد نص الدستور على استخدام اللغات الأصلية في مراحل التعليم المبكرة كجزء من السياسة التعليمية الرسمية للحكومة، ويقصد باللغات الأصلية(الدينكا، النوير، الشلك، باري، زاندي، لوتوكا، والمورو)، باعتبارها من أكثر اللغات المتداولة في جنوب السودان بتقدير عدد متحدثيها، لكنها أيضاً لغات محصورة على جماعات إثنية محددة، ولا تستطيع أن تلعب أي دور في عملية الاتصال المتداخل بين الجماعات اللغوية المتباينة، وتعد تلك واحدة من الظلال الأيديولوجية التي القاها مؤتمر الرجاف في العام 1928م، على مسالة اللغات والسياسات التعليمية في السودان بشقيه الشمالي والجنوبي، فتصنيف التكوينات اللغوية وتعريفها وفق مصطلحات جديدة على نهج اللغات الأصلية و المحلية، كانت نتاج للسياسة البريطانية، التي تبنت نظام الحكم غير المباشر في ثلاثينيات القرن العشرين، حيث ارتبطت اللغة بالجماعات الإثنية والتزمت بحدودها، وهنا تم إبعاد اللغات الأجنبية من التصنيف كلغات أصلية، وفي هذه الحالة تكون “عربي جوبا” هي الضحية الأولى لتلك السياسات. غض النظر عن إستخداماتها المتعددة، بالرغم من أنّها أكثر تداولاً ومعرفة عكس اللغة الإنجليزية التي تستخدم حالياً على نطاق محدود(Tosco:2019:216).

في الجانب المتعلق باستخدامات اللغة في مدينة جوبا عاصمة دولة جنوب السودان، عمدت دراسة (إستيفانو مانفيردي وماورو توسكو) إلى تقييم إستخدامات عربي جوبا وبقية اللغات الأصلية الأخرى، في أربعة سياقات إجتماعية مختلفة، وهي: (المنزل، مع الجيران، في الأسواق العامة، وفي المكاتب)، وبموجب نتائج الإستبيان المستخدم فقد توصلت الدراسة إلى أنّ عربي جوبا يتشارك مجال الإستخدام في المنزل مع اللغات الأخرى لدى مجتمع البحث، كما أنّها تمثل وسيط التخاطب الأفضل مع الجيران وبدرجة أقل في الأسواق العامة.

وفي الجزء الثاني من الدراسة والذي أفرده الباحثان للخطاب الرسمي ونظرته لمسالة اللغات في جنوب السودان، من خلال مقابلات تم إجراؤها مع مسئولين في وزارة التعليم والعلوم والتكنولوجيا، لمعرفة البعد الأيديولوجي الذي يقف وراء النظام المتبع في تحديد الوضع اللغوي بالبلاد، وإنعكاساته على الإتجاهات اللغوية واستخدامات اللغة في جنوب السودان، إتضح أنّ الخطاب الحكومي الرسمي ينظر إلى تكوينات اللغة الأصلية من خلال ربطها بوجود مجتمعات أصلية تتحدثها، وهو المعيار الذي يستبعد “عربي جوبا” من الإعتبار كلغة محلية وفقا لأقل التقديرات، برغم إعتراف المسئولين بأنّه يمثل “لغة التخاطب المشتركة ” الوحيدة بين كافة مكونات جنوب السودان. وبالتحديد داخل العاصمة جوبا. والمناطق القريبة منها، بجانب إستخدامها في الكنائس التي حاولت أن تكتبها بالأحرف اللاتينية.

إنّ الموقف الرسمي تجاه عربي جوبا يأتي كردة فعل على سياسات التعريب التي فرضتها الأنظمة الحكومية المتعاقبة في السودان الموحد على جميع المراحل الدراسية في جنوب السودان، وقد ترتب على ذلك التعامل معه كإحدى تفريعات اللغة العربية، لذلك فإنّه –أي عربي جوبا- لا يندرج تحت اللغات الأصلية على حسب التعريف الذي يربطها بوجود “ثقل اثني”، مع الإقرار بكونها الرابط اللغوي الرئيسي بين جميع مكونات جنوب السودان.

في واقع الأمر، فإنّ إتجاهات المتحدثين بعربي جوبا لا تنفى هذا البعد الأيديولوجي تماماً، لكنها تسلم أيضاً بأنّ وجود عربي جوبا كلغة تواصل مشتركة قد عالج الكثير من الإشكاليات التي يمكن أن تنشأ من محاولة تحديد أيّ من اللغات المحلية الأخرى. وفرضها كوسيط للتخاطب بين مختلف مكونات جنوب السودان، لأنّ ذلك قد يساهم في بروز إدعآءات سياسية جديدة تتعلق بمحاولة فرض لغة مجتمع معين كنوع من الهيمنة الإجتماعية الثقافية، وقد توافق الناس على استخدام الإنجليزية كلغة رسمية في دواوين الحكومة لتجاوز تلك الأزمة، وهي ذات البراغماتية العملية التي تجعل من “عربي جوبا” وسيط التخاطب اللغوي المشترك والوحيد بين المجموعات الثقافية اللغوية المتعددة بجنوب السودان.

لقد بدأت “عربي جوبا” كلغة في اكتساب المزيد من الخصآئص المحلية، وباتت في طور التحول إلى لغة أفريقية تكاد تخلو من التأثيرات الثقافية العربية والإسلامية، وقد إتضح ذلك من خلال مشاركة مجموعة جنوب السودان للمسرح في مهرجان شكسبير بلندن في أعقاب الإستقلال، بعرض مسرحية “سمبلين” التي قام بترجمتها جوزيف أبوك من الإنجليزية إلى عربي جوبا باعتباره واحدة من اللغات المحلية التي لم يكن هناك من خيار سواها لأنّ شرط المشاركة هو تقديم العروض المشاركة في المهرجان بإحدى اللغات المحلية السائدة في البلد المشارك في فعاليات مهرجان(غلوب)، وقد إستشعر جمهور المشاهدين وأعضاء المجموعة أنّ هذا العرض المسرحي يُعبّر عن الانتماء الجنوب سوداني بشكل حقيقي(Brown, 2018) .

يقول الدكتور عشاري أحمد خليل: “إنّ عربية الجنوب في أشكالها الهجين والخلاسية والعامية. هي اللغة الأولى في جمهورية جنوب السودان من حيث عدد المتحدثين بها، ومن حيث تعدد مجالات استخدامها ووظائفها. إذ أصبحت حتى يومنا هذا في العام 2014 اللغة المشتركة الرئيسة للتخاطب بين المجموعات العرقية اللغوية الجنوبية الخمسين ويزيد. وهي اللغة التي تستخدم، أكثر من أية لغة جنوبية أو إقليمية أو عالمية، كلغة ثانية متساكنه مع اللغة المحلية داخل حدود العرقية اللغوية الواحدة. وهي اللغة الأكثر سريانا كلغة أم، أي كلغة أولى لأعداد متزايدة من الأطفال في مدن جنوب السودان”. (خليل: 2014: 28)

ويرى عشاري أنّ التقويم الشعوري والأيديولوجي لعربي جوبا. يمثل إشكالية جدلية نابعة من الظروف التاريخية التي تشكلت فيها كلغة هجينة، موضحا بانّه كان بالإمكان تأكيد الجذور الوطنية لعربية الجنوب ومحليتها. والإعتراف بها كميراث ثقافي رمزي تفتقت عنه العبقرية اللسانية الجنوبية. وكان سآئغا أن يتم التركيز، عندئذٍّ، على أنّ المجموعات الجنوبية المتباينة اللغات خلقت هذه اللغة الجديدة خلقاً. في أوضاع إنبتات ثقافي صاغها العنف والقهر من قبل الأقلية المهيمنة، فجاءت شاهداً على تواصل فاعلية القدرات الخلاقة لتلك المجموعات. (خليل، 2014: 30)

إنّ سريان اللغات الهجين التدريجي يجعلها تحاول أن تتكيف مع محيط البيئة الثقافية اللغوية التي نشأت وتولدت فيها بدرجة كبيرة، في الاستجابة لمتطلبات المجموعة، ولايزال الجدل مستمراً حول قدرة عربي جوبا على استيعاب التراث الشعبي المحلي المتمثل في الحكاية، الأسطورة، النكتة والأغنية الشعبية، فقد انتشر مستوى من الغناء الحديث لغته الأساسية عربي جوبا، حيث ظهرت أصوات فنية حققت انتشارا كبيراً بسبب التجاوب الكبير الذي يجدونه من جمهور المتلقين في جنوب السودان، ويعود الفضل في ذلك إلى تأسيس قسم خاص بالعربي البسيط في إذاعة جوبا منتصف ستينيات القرن الماضي، ومنه أصبحت عربي جوبا واحدة من اللغات المعتمدة للبث في الإذاعة المحلية بجوبا وفي الإذاعة القومية بأمدرمان، وفي بقية المحطات الإذاعية المحلية في مدن الجنوب الرئيسية الأخرى مثل واو وملكال، وقد ساهم ظهور الفرق والجماعات الفنية الحديثة أيضاً في انتشار عربي جوبا خلال تلك الفترة، مثل فرقة جاز الرجاف، والفنان يوسف فتاكي، وأميل عدلان، وحسين عبد النبي وغيرهم كثيرين ولاحقاً أفردت عدد من الإذاعات الخاصة بالكنائس مساحات مقدرة للبث باستخدام عربي جوبا كوسيط لمخاطبة مستمعيها المنتشرين على امتداد جنوب السودان(Wani:2014)، وقد مثلت فترة توقيع إتفاقية أديس أبابا للسلام واحدة من أكثر المراحل التي إزدهرت فيها “عربي جوبا” نسبة لما هيّأته من فرصة لتلاقي المجموعات الجنوبية المتباينة في داخل العاصمة.

أمّا بالنسبة لبقية أجناس التراث الشعبي الأخرى مثل النكتة والحكاية الشعبية والأغنيات التقليدية. فأنّها وردت في سياق اللغات المحلية التي تخلقت فيها كبيئات طبيعية، ويندر أنّ تتوفر نماذج لأعمال فولكلورية قآئمة على هذه اللغة الجديدة  التي إن وجدت في ظروف محددة ومجالات إستخدام عامة كلغة تواصل مشتركة، علما بأنّ المنتوج الشعبي هو سمة خاصة بكل مجموعة ثقافية. يميزها عن بقية المجموعات الأخرى في اطار التعدد، والأرجح هو أنّ أيّ محاولة للتعبير عن مضمون فولكلوري في التعاطي الشفاهي لعربي جوبا لا يعدو كونه محاولة لنقل النصوص من لغاتها وإعادة إنتاجها في قالب جديد، وذلك بغرض تقريب الصورة لذهنية الجمهور المتلقي. وقد شاع هذا النمط من توظيف التراث في الخطابات الشعبية للقادة السياسيين، وقد “ظل الخطاب الشعبي السياسي في جنوب السودان يكون مقبولا للجمهور متعدد اللغات فقط إذا عبر عنه بعربية الجنوب الهجين الخلاسية. إذ أنّ الإنجليزية، والعربية الفصحى، واللغات المحلية كانت تعاني دآئماً من محدودية في هذا المجال. بحكم محدودية توزيعها المعرفي والإستخدامي بين المجموعات العرقية اللغوية الخمسين ويزيد. واستقطبت هذه الخطب السياسية في بنيتها العناصر الجوهرية للبعد الأدآئي الدرامي في التراث الشعبي. وكانت تتفاعل فيها قدرات إبداعية تتوسل لحفز إستجابة الجمهور وقبوله لرسالة الخطبة السياسية بحكاية قصص، ونكات، وضرب أمثلة محلية” (خليل، 2014م: 32).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى